خبير مغربي: التدخل المبكر أسهم في تقليص حرائق الغابات
قال الخبير المغربي في مجال البيئة مصطفى بنرامل، إن انخفاض حرائق الغابات في بلاده خلال السنوات الماضية جاء نتيجة للظروف المناخية المواتية واستراتيجية التدخل المبكر التي اتبعتها المملكة لمكافحة الحرائق.
وقال بنرامل إن هناك عدة طرق يمكن من خلالها التقليل من الحرائق في المغرب، مثل تعزيز الوقاية والتوعية المجتمعية، وتطوير قدرات الكشف والاستجابة المبكرة للحرائق، والتخطيط البيئي المناسب.
ولفت إلى أن الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الحرائق “تسير في الاتجاه الصحيح”، مشددا على ضرورة تعزيز استخدام التكنولوجيا الحديثة ضمن الاستراتيجية وتدارك نقص الموارد البشرية المتخصصة.
وسنويا، يتعرض المغرب لحرائق في الغابات التي تغطي 12 بالمئة من مساحة البلاد.
وشهد المغرب نحو 380 حريق غابات في 2024، اجتاحت أكثر من 870 هكتارا، مقارنة مع 466 حريقا أتت على 6426 هكتارا خلال 2023، و500 حريق اجتاحت أكثر من 22 ألف هكتار من الغابات خلال 2022.
** انخفاض عدد الحرائق
أفاد الخبير المغربي أن بلاده شهدت انخفاضا لعدد الحرائق خلال السنوات الماضية، بمتوسط مساحة متضررة لكل حريق خلال 2024 بلغ 2.9 هكتارا.
وقال إن العام الماضي سجل انخفاضا بسبع مرات في المساحة المتضررة مقارنة بعام 2023، وانخفاضا بـ 29 مرة مقارنة مع 2022.
وتابع: “بالمقارنة مع المتوسط المسجل خلال السنوات العشر الماضية (2014-2024) والذي يقدر بـ 310 حرائق سنويا، سجل عام 2024 انخفاضا بنسبة 15 بالمئة في عدد الحرائق.
أما المساحة المحروقة في 2024 فظلت دون المتوسط المقدر بـ 4800 هكتار، ما يمثل انخفاضا بـ 5.5 مرات، وفق بنرامل.
** استراتيجية فعالة
وأرجع الخبير المغربي الانخفاض في عدد الحرائق إلى عدة عوامل مثل الظروف المناخية المواتية واستراتيجية التدخل المبكر.
وأشار إلى بيانات للوكالة الوطنية للمياه والغابات (حكومية) قالت فيها إن المناطق الغابية المعرضة للخطر استفادت من ظروف مناخية أقل ملاءمة لاندلاع الحرائق خلال صيف 2024.
كما أوضح أن استراتيجية التدخل المبكر الفعالة ساهمت أيضا في تراجع الحرائق، حيث جرى التحكم في نسبة كبيرة من الحرائق (80 بالمائة) قبل أن تتوسع وتتسبب في أضرار كبيرة، “ما يدل على فعالية السياسة الوقائية المعتمدة من طرف الشركاء المعنيين”.
وشدد على ضرورة الاستمرار في تقييم وتطوير هذه الاستراتيجية لمعالجة نقاط الضعف المحتملة، وضمان استدامة النجاح في الحد من مخاطر حرائق الغابات.
وقال بنرامل إن ضمان نجاح الاستراتيجية يعتمد على التركيز على الوقاية والتوعية المجتمعية، واستخدام التكنولوجيا الحديثة، وتدارك نقص الموارد البشرية المتخصصة.
** حرائق 2025
وأرجع الخبير المغربي أسباب اندلاع الحرائق خلال الأسبوع الماضي بضواحي مدينة زاكورة (جنوب شرق) إلى الأسباب الطبيعية والبشرية، وانتشار مواد قابلة للاشتعال مثل جريد النخل الجاف.
وأوضح أن الأسباب طبيعية تشمل ارتفاع درجات الحرارة والجفاف، ما يجعل الغطاء النباتي أكثر عرضة للاشتعال.
وبخصوص الأسباب البشرية، يرى بنرامل أنها الأكثر شيوعا، وتتمثل في “الإهمال عن طريق التخلص غير السليم من أعقاب السجائر، أو ترك مخلفات مشتعلة بعد التخييم، ما يرفع احتمال نشوب حرائق”.
وأضاف أن الأسباب البشرية للحرائق تشمل أيضا “الأعمال المتعمدة والحوادث التي تسبب الحرائق أو الأنشطة الزراعية التي تتضمن استخدام النار”.
وأشار إلى أسباب إضافية، مثل حرق المخلفات الزراعية بشكل غير آمن، وانتشار مواد قابلة للاشتعال مثل جريد النخل الجاف.
** خطة شاملة
يرى بنرامل أن هناك عدة طرق يمكن من خلالها التقليل من الحرائق في المغرب، تشمل تعزيز الوقاية والتوعية المجتمعية.
وأكد على ضرورة إطلاق حملات توعية مكثفة، مثل تنظيم حملات توعية موجهة للسكان المحليين، خاصة في المناطق القريبة من الغابات وزوار الغابات، بشأن مخاطر الحرائق وكيفية تجنبها.
ومضى قائلا: “يجب أن تركز هذه الحملات على عدم إشعال النيران في الغابات، والتخلص السليم من النفايات، وتجنب رمي أعقاب السجائر”.
ولفت إلى ضرورة إشراك المدارس في حملات التوعية، والاستمرار في تفعيل “اليوم الوطني للتحسيس بمخاطر حرائق الغابات”، وتنظيم أنشطة على مستوى وطني لزيادة الوعي.
وأوضح أن أعمال الوقاية من الحرائق تشمل أيضا تنظيف الغابات بشكل دوري، من خلال إزالة الأعشاب الجافة والأشجار الميتة والمواد القابلة للاشتعال.
كما تتضمن إنشاء خطوط وقاية تتمثل في بناء وصيانة خطوط خالية من النباتات (حواجز النار) لعرقلة انتشار الحرائق، والمراقبة الدورية عبر زيادة دوريات المراقبة في المناطق الحساسة، خاصة خلال فترات ارتفاع خطر الحرائق بفصل الصيف.
كما دعا الخبير المغربي إلى تطوير قدرات الكشف والاستجابة المبكرة للحرائق، واستخدام التكنولوجيا الحديثة، وتوسيع استخدام الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار المجهزة بتقنيات الاستشعار الحراري للكشف المبكر عن الحرائق.
وأكد على أهمية تطبيق أنظمة الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات والتنبؤ بمخاطر الحرائق وتوجيه جهود المكافحة، وتعزيز فرق الإطفاء من خلال زيادة عدد فرق الإطفاء وتدريبهم بشكل مستمر وتزويدهم بالمعدات اللازمة، بما في ذلك الطائرات المائية.
وفيما يتعلق بالتخطيط البيئي، أشار الخبير المغربي إلى أهمية تنظيم التوسع العمراني من خلال التأكد من عدم تجمع المناطق السكنية بالقرب من الغابات المعرضة للحرائق دون اتخاذ تدابير وقائية.
التعليقات مغلقة.