الهند- باكستان.. صراع على كشمير أم مواجهة دولية إستراتيجية..؟

|| صحافة ||

تعددت الأسباب التي أسست للصراع التاريخي الهندي- الباكستاني حيال كشمير، من خلافات على ملكية مناطق جغرافية إلى خلافات قومية إلى اثنية إلى دينية، لتصبح بعد مدة على خلفية اتهامات متبادلة عن تدخلات وتغطيات لظواهر تمرد وعصيان ورعاية أعمال إرهابية. وإذ يمكن لأي من هذه الأسباب، أو بعضها أن تشكّل دافعًا منتجًا لما حصل مؤخرًا من مواجهات عسكرية دامية بين الدولتين، يبقى البعد الاستراتيجي هو الأساس في هذه المواجهة، والتي كان، أيضًا للموقف الدولي، وخاصة الأميركي، دور أساسي في ضبطها، حتى الآن؛ مع عدم استبعاد تجددها وتوسعها.

بداية؛  وقبل الإضاءة على البعد الاستراتيجي في هذه المواجهة، من الضروري التطرق إلى تفاصيل المواجهة العسكرية، والتي يمكن من خلالها تحديد مسار البعد الاستراتيجي الحساس لهذه المواجهة.  بعد أن شنّت الهند هجومًا جويًا وصاروخيًا على مواقع داخل باكستان؛ بعدما اتهمتها برعاية عملية إرهابية داخل كشمير الهندية ضد سواح أجانب، ردّت باكستان عبر مروحة واسعة من الهجمات الصاروخية والجوية على مناطق حدودية هندية، لتندلع مواجهة اوسع، من ضمنها إسقاط الوحدات الباكستانية أربعَ قاذفات ومسيّرة هندية، منها ٣ “”قاذفات رافال” فرنسية الصنع و”قاذفة سوخوي” ٣٠ روسية الصنع و”مسيّرة هربون” إسرائيلية الصنع.

لقد كان لافتًا سقوط هذا العدد الكبير من القاذفات الهندية، وخاصة “قاذفات الرافال” الفرنسية، والتي كانت تعدّ في مكان ما سلاحًا مقبولًا على صعيد التوازن العسكري – الاستراتيجي؛ حيث أجمعت أغلب المصادر بأنّ الوحدات الباكستانية نجحت في هذه المواجهة باستعمالها الأسلحة الصينية الآتية: قاذفة j 10 c  وصاروخ جو-جو pl 15 ، فتسلطت الأضواء على هذه الأسلحة بقوة.

 في البعد العسكري؛ وبعد أن أظهرت المواجهة  تفوقًا حاسمًا للأسلحة الصينية التي استعملها الجيش الباكستاني، كان لذلك، وبمعزل عن حساسية الاشتباك وخطورته بين دولتين نوويتين، تداعيات مهمة وخطيرة على النفوذ الغربي وعلى الأسلحة الغربية، وبالأخص القاذفات الفرنسية “رافال”.

ما هو الأهم، في رسائل هذه المواجهة، كانت الرسالة الصينية الواضحة في الأسلحة المقدمة لباكستان وفي الموقف المتمثل بتغطية استعمال الأخيرة لهذه الأسلحة؛ حيث مبدأ تسليح الدول يقضي بمتابعة الأسلحة المباعة والموافقة على استعمالاتها.

ممّا لا شك فيه أن للصين، ومن خلال الموافقة على استعمال باكستان لأسلحتها، هدفًا أبعد من دعم الأخيرة، ويمكن تحديده بإذلال أسلحة الغرب من جهة، وبإبلاغه- أي للغرب- وخاصة الأميركيين، أن موقفهم الداعم لدول معينة، في شرق آسيا وفي حوض بحر الصين الجنوبي، هو موقف معادٍ لـــ”بكين”؛ والتي يمكن لها استعمال إمكاناتها العسكرية والعلمية لإحداث مستوى غير عادي من التغيير الاستراتيجي على صعيد النفوذ الدولي.

بناء على ذلك؛ وفي قراءة أميركية ذكية للموقف، كان للمشهد العسكري المفاجىء، وخاصة مشهد إسقاط القاذفات الهندية، دور أساسي في تسارع الموقف الأميركي نحو لملمة الوضع والضغط باتجاه وقف إطلاق النار والدفع نحو التفاوض والتسوية. إذ ظهر التناقض واضحًا، في تصريحات نائب الرئيس فانس، والتي بدأها بأنه “لا شأن لنا فيما يجري بين الهند وباكستان”، ليتبنّى الأميركيون لاحقًا موقف التهدئة ووقف إطلاق النار والعمل على إدارة ضبط المواجهة.

العهد الاخباري: شارل أبي نادر

التعليقات مغلقة.