“عم إسمعك”.. مبادرة للخروج من الأزمات النفسية
هل تدركون معنى الصحة النفسية؟ هل يفقه البعض أن التوتر والاكتئاب و ما نسمّيه في حياتنا بـ “الستريس” (Stress) قد يفضي إلى عواقب لا تُحمد عقباها.
هل تدركون أن الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة البدنية؟ تواصلوا مع أنفسكم، اطلبوا المساعدة، بوحوا، تحدثوا، عبّروا، ” فضفضوا” لمن ترونه مناسباً ومريحاً، لا بل مختصاً بكل ما هو نفسي..
الوحدة قد تجرّ إلى منحدرات لا تُعرف مآلاتها، فلا تترددوا في طلب الرفد الصحي النفسي المطلوب،لا تجعلوا أنفسكم أسرى قضبانٍ شخصية وهمية!
تفرد منظمة “اليونيسف” مساحة للحديث عن هذه المشكلة التي تتفاقم في عالمنا، وخاصة في الدول التي تعيش أزمات واضطرابات وحروباً، فتقول “إن تعزيز الصحة النفسية والعناية بها لا يقلّان أهمية عن العناية بالصحة الجسدية، بل يُعتبران مكملّاً لها. نحن كأفراد نمرّ بالعديد من الضغوط الحياتية والاجتماعية والاقتصادية والعاطفية التي تولّد الإرهاق والتوتر والاكتئاب، والتي تؤدي دوراً كبيراً في صحتنا النفسية. وتؤثر حالتنا النفسية على الأنشطة اليومية والتواصل الاجتماعي مع العائلة والأصدقاء والمجتمع،تعرّفوا هنا على بعض المؤشرات التحذيرية والأعراض المبكرة لحالات الصحة النفسية.
حملة إنسانية: “عم إسمعك”
وفي السياق، وعبر خطوة مهمة تهدف إلى تعزيز الوعي بأهمية الدعم النفسي والصحة النفسية في المجتمعات العربية، أعلنت “مدّربة الحياة” الاختصاصية اللبنانية ناريمان برق عن انطلاق حملة “عم إسمعك”، وهي مبادرة تهدف إلى خلق مساحة آمنة للبوح والتعبير، بعيداً عن أي وصفة أو تصنيف طبي وحكم علني.
حملة برق تأتي بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان وغزة وفلسطين وغيرها، وما خلفّته من حالات نفسية واضطرابات سلوكية لدى الكبار والصغار، فالحروب تؤثر على الصحة النفسية للإنسان، بما ينتج عنها من اضطرابات نفسية وعقلية قد تمتد لفترات زمنية طويلة، والتي قد ينتقل أثرها من جيل إلى آخر.
فقد يتعرّض الشخص للصدمة النفسية (Posttraumatic Stress) التي تجعله في حالة ذعر وخوف حتى في الحالات التي يكون فيها آمناً خاصة في ظل حالة الحرب واستهداف المدنيين الأبرياء، وغالباً يُصاب الشخص بهذه الحالة في إثر تعرّضه لموقف صعب، مثل: حالات الحرب، أو بعد موت شخص عزيز.
مساحة آمنة للكلام والدعم..
تقول برق “عم_إسمعك هي حملة إنسانية تخلق مساحة آمنة للكلام، وللدعم النفسي، وللتنفيس عن ضغط الحياة، خاصة بعد الحروب التي تركت أثراً كبيراً في حياة الكثيرين، وهي توفر الدعم العاطفي والعقلي للعائلات التي فقدت أحد أفرادها في الحروب، ولكل شخص مرّ بتجربة قاسية ويحتاج لمن يسمعه”.
كذلك “تهدف الحملة إلى تأمين الاستماع والدعم المعنوي لكل من يشعر بالضغط، والقلق، أو الغضب، من دون أن يكون هناك توصيف مرضي مباشر أو استباحة خصوصية من قِبل أي معالج. بل تعتمد الحملة على تقديم جلسات دعم نفسي بأسعار مدروسة ومتاحة للجميع، ما يجعلها أقرب لكل شخص بحاجة إلى مساحة يسمع فيها نفسه، ويلاقي فيها من يسمعه بصدق ومن دون أحكام”.
وتؤكد برق في حديثها أن “الدعم النفسي ليس ترفاً ولا رفاهية، بل هو أساس لبناء حياة متوازنة ومستقبل أوضح”.
برق: خطوة صغيرة نحو راحة نفسية أكبر
تشجّع الحملة على اتخاذ خطوة صغيرة اليوم نحو راحة نفسية أكبر، وإعادة بناء الصحة النفسية كأولوية يومية، من خلال جلسات ممنهجة، مدروسة، وملائمة لكل فرد بحسب احتياجه، وهي متاحة عبر منصات إلكترونية وبإشراف فريق متخصص، مع التزام كامل بالسرية.
تقول اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنه “لا بد من أن تكون الصحة النفسية والاحتياجات النفسية والاجتماعية للأشخاص الذين يعيشون في مناطق النزاع جزءاً من الاهتمام المتزايد بالصحة النفسية في جميع أنحاء العالم”.
ومنذ تعيين أول مستشار للصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي في اللجنة الدولية للصليب الأحمر (اللجنة الدولية) عام 2007، عملت اللجنة الدولية على ضمان حصول الأشخاص المتضررين من جراء النزاع وحالات العنف الأخرى على رعاية صحية نفسية تلبي المعايير المعترف بها عالمياً.
ويمثل اليوم العالمي للصحة النفسية في 10 تشرين الأول/ أكتوبر من كل عام فرصة لتسليط الضوء على ما يجب تجنّب قوله عند الحديث عن الصحة النفسية.
وفي سياق ما تنصح به “اليونيسف” تعرّفوا على بعض المؤشرات التحذيرية والأعراض المبكرة لحالات الصحة النفسية.
الإدراك أن الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة البدنية
تُعتبر الصحة النفسية جزءاً من حياتنا اليومية التي قد تراوح مخاوفها التي يواجهها الجميع، من قلق يومي إلى حالات خطيرة طويلة الأمد (خاصة بعد الأزمات والحروب). غالباً ما يشعر الأفراد الذين يُعانون من صحتهم النفسية بالوحدة، حيث إنهم يسعون للبحث عن طرق للحصول على السعادة والثقة بالنفس للتغلب على الحالات المتعلقة بصحتهم النفسية مثل الاكتئاب. تنتشر هذه الحالات بشكل كبير بين الشباب، حيث يواجهون ضغوطاً اقتصادية كالبطالة وضغوطاً اجتماعية وعائلية كالزواج وتأسيس أسرة.
الإدراك بأنكم لستم وحدكم تعانون من حالات متعلقة بالصحة النفسية، وشعوركم بأنه أمر صحيّ، سيحفّزكم على البحث عن الدعم النفسي الذي تحتاجونه، وسيمكّنكم حتى من مساعدة صديق مكتئب أو حزين.
الإحسان: كونوا لطفاء مع أنفسكم ومع الآخرين
الإحسان هو الخطوة الأولى التي يمكنكم اتخاذها بحق أنفسكم لجعلها بحالٍ أفضل. لا تلوموا أنفسكم بسبب الظروف وكونوا لطفاء مع أنفسكم.
كذلك يجب أن تظهروا تعاطفكم مع الآخرين وتقدّموا المساعدة لهم، وكونوا لطفاء معهم أيضاً، سيشعركم ذلك بطمأنينة وراحة، وسيؤثر على مزاجكم ومزاج الآخرين بطريقة إيجابية، وهذا بدوره سيخلق بيئة صحية لكم ولراحة بالكم.
البحث عن الأدوات المختلفة لدعم الصحة النفسية
هناك العديد من الأدوات والمصادر المتوفرة لمساعدتكم على الاسترخاء والتركيز، كما يوجد بعض المنصات الإلكترونية المُعتمدة التي تقدّم شبكة واسعة من مقدّمي الرعاية الصحية والمختصين في الصحة النفسية المعتمَدين.
احموا صحتكم النفسية من محتوى وسائل التواصل الاجتماعي السلبي
يُظهر الجميع في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي أسلوب حياة قد يكون بعيداً كل البُعد عن الحقيقة، وقد يُصبح الأمر مرهقاً ومثيراً للقلق والتوتر، عندما يبدأ مختلف الأشخاص بمقارنة حياتهم وواقعهم بما يرونه في منصات التواصل الاجتماعي.
التعليقات مغلقة.