كما عرفته.. الشهيد صلاح العزي … بقلم/ عابد حمزة

صنعاء – مقالات

لم أكن أعرف عميد الجبهة الإعلامية الشهيد صلاح العزي قبل دخولنا مدينة صعدة وإنما أسمع به كفارس اقتحم ميدان الإعلام بهمة ونشاط وعزيمة لا تلين إلا أن الأقدار جمعتني به كأخ وزميل في العمل الإعلامي بعد خروجه من سجون سلطات آلـ سعود التي اعتقلته إبان الحرب السادسة في مدينة نجران بتهمة انتمائه لحركة أنصار الله في تلك السجون لاقى الشهيد أشد أنواع العذاب حدثني أكثر من مرة أنه لم يكن يعرف من أين كان يأتيه ذلك الصبر وقوة التحمل وهو يمكث أياما وشهورا في زنزانة وضعت كثلاجة تبريد لا يقوى فيها على إسناد ظهره إلى جدرانها أو ينام كما ينام الناس على أرضيتها المبللة بالماء فقط يجفو على ركبتيه ومنكبيه من شدة البرد فضلا عما كان يلاقيه أثناء التحقيق من تهديد وضرب وتعذيب لكنه صبر وتجلد وتحمل وعندما علم الله بصدق نيته هيأ له من الأسباب ما جعله يخرج من سجون الظالمين عزيزا كريما مرفوع الرأس بعد أن أطلق سراحه في عملية تبادل للأسرى بعد انتهاء الحرب وتحديدا مع دخول أنصار الله عاصمة محافظة صعدة وهناك التقينا وكان لنا الشرف الكبير أن شخصا بحجم صلاح العزي أصبح واحدا من أسرة صحيفة الحقيقة وموقع أنصار الله إلا أن فرحتنا به كواحد منا لم تكتمل عندما اكتشفنا أن صلاح أكبر من أن يكون محررا لصحيفة أو موقع فقط فقد كان في المقام الأول وجيها في قومه يعمل على إصلاح ذات البين وكثيرا ما كانوا يأتون إليه لبث شكواهم عليه فلا يتردد لحظة واحدة في معالجة أي مشكلة تعرض عليه وكثيرا ما كان يتحرك كمرشد وخطيب مفوه وثقافي حصيف يعرف كيف ينشر الثقافة القرآنية بين أوساط الناس

يوم أن كنا في صعدة قبل دخول صنعاء كان الشهيد صلاح يحرر الاخبار ويكتب المقالات السياسية والثقافية ويصيغ التقارير في الوقت الذي يهتم بتفعيل صفحته على شبكة التواصل الاجتماعي بشكل جعلها بحق جبهة إعلامية لوحدها يرتادها الآلاف من محبيه ومثلهم وأكثر منهم من أعدائه أذكر مرة أنه نشر خبر دخول كتائب أنصار الله مدينة حوث فدخل ناشط اصلاحي كبير لم أعد أذكر اسمه على صفحته نافيا صحة الخبر الذي نشره ومراهنا على بقاء المدينة بيد مرتزقة آلـ الأحمر وبعد أخذ ورد بينه وبين الشهيد أقسم له الناشط الإصلاحي يمينا مغلظا إن جاء الشهيد بما يدلل على صدق خبره فإنه سيبادر إلى تعطيل صفحته ويغادر شبكة الفيس بوك إلى الأبد ليلتها بات الشهيد في مقر عمله وفي الصباح استقل سيارته وأخذني معه باتجاه مدينة حوث وفي حدود الساعة التاسعة صباحا كنا على موعد دخول المدينة وهناك التقطنا الكثير من الصور ومع كل صورة كان الشهيد يقوم بنشرها مع اشارة لذلك الناشط الإصلاحي .

في المساء بعد عودتنا وجدنا ذلك الشخص ينشط على صفحته وينشر فيها أكثر مما كان ينشره في الليلة الماضية عندها ابتسمت في وجه الشهيد وقلت له أرأيت أنهم لا عهد لهم وعملهم يقتصر فقط على الكذب والتدليس ونشر الشائعات كان صادقا ويظن أن الآخرين مثله صادقون ولكنه في نفس الوقت كان صاحب رؤية ثاقبة استطاع بها وبما يمتلكه من إخلاص ونشاط وأريحية وخفة دم وتواضع وحنو واتزان وطيبه وبشاشة أن يفرض نفسه على الجميع وما هي إلا أيام من عمله معنا حتى أصبح الأب والأخ والصديق ومستودع أسرار كل العاملين خصوصا بعد أن لمسنا فيه تلك الصفات النادرة التي قلما تجدها إلا في العظماء وأنت تجالسه تحس وكأنك تجالس ذلك العربي الأصيل صاحب النخوة والحمية والرجولة الذي لا يمكن أن يغدر بك أو يحتقرك أو يهينك أو يتخلى عنك فهو الصديق الصدوق الذي تأمن جانبه وتثق به الثقة المطلقة.

في قربه من الله كان كثير الأذكار والدعاء والاستغفار وأنت تسمعه وهو يقرأ القرآن أو يؤدي الصلاة تحس في أعماق نفسك بما هو عليه من خشوع وتذلل وخشية من الله كان يهتم بكل ما فيه منعة وعزة للأمة حتى ولو كان ذلك الشيء صغيرا لا يلتفت إليه الآخرون يهتم به ويتفاعل معه ويعطيه قيمته ومكانته في قاموسه العملي لا مكان للتكاسل والتخاذل والمهادنة جريئا كان على قول الحق وسباقا إليه ومناصرا لأهله وأكثر من ذلك أنه كان بسيطا لا يتكلف في أعماله يغضب وما إن ينتهي غضبه حتى تطل عليك ابتسامته البريئة التي لا تفارق محياه كان فعلا وليا من أولياء الله ومهما قلت فيه وأطنبت في القول فلن أفيه حقه لأن معدنه ذهب ومنبته طاهر ومجالسته كانت عبادة فسلام الله عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا

التعليقات مغلقة.