أيار اليمن وأيار لبنان

– لم تكن حرب السعودية على اليمن شبيهة بحرب تموز «الإسرائيلية» على المقاومة في لبنان بطبيعتها الإجرامية والعدوانية ووحشيتها فقط، بل بأهدافها أيضاً، ومعلوم أنّ الحلف السعودي مع «إسرائيل» في حرب تموز ترجم بالدعوة لمواصلة سحق المقاومة كما قالت تسيبي ليفني عن الموقف العربي الذي بدأ بالتبجّح بعد الهزيمة «الإسرائيلية» بأنه كان يسعى لوقف النار. ومعلوم في المقابل أنّ الحلف «الإسرائيلي» مع السعودية في حربها على اليمن قد ترجم بالكلام المعلن لرئيس «الموساد الإسرائيلي» تامير باردو في وقائع زيارته إلى الرياض نهاية العام الماضي، وما نشر في الصحافة «الإسرائيلية» أنه ذهب داعياً إلى التعاون لضرب الحوثيين في اليمن قبل بلوغهم باب المندب، لأنّ أمن «إسرائيل» سيُصاب من هذا التمركز الذي يتيح عرقلة حركة السفن «الإسرائيلية» من وإلى مرفأ إيلات. وتالياً كلام وزير خارجية منصور هادي رياض ياسين الذي ورد في شرم الشيخ مع انعقاد القمة العربية لطمأنة «الإسرائيليين» أنّ الغارات السعودية على مرفأ الحديدة الذي قالت «إسرائيل» إنّ فيه صواريخ مرصودة لضرب أهداف «إسرائيلية» بالتنسيق مع حزب الله، قد جرى تدميرها نهائياً.

– تنتهي الحرب السعودية على اليمن بذات سيناريو نهاية حرب تموز، فيسقط القرار الذي أريد لليمن وفقاً للفصل السابع، بالتجاهل، بينما لم ينجح بإبصار النور في لبنان، بسبب وجود رئيس مقاوم هو الرئيس إميل لحود على رغم وجود رئيس حكومة يحمل المطالب»الإسرائيلية» اسمه فؤاد السنيورة قالت غونداليسا رايس أنه موافق على الفصل «سبعة إلا ربع» في مفاوضاتها مع الرئيس نبيه بري الذي كان يمثل صوت المقاومة في هذه المفاوضات، وبصلابة ثنائي بري لحود، منع لبنان منصور هادي لبنان أي السنيورة من تمرير الفصل السابع، لكن الثبات والصمود من طرف المقاومة في الحالتين هو الذي أدّى إلى إجهاض الفصل السابع لبنانياً وإصابته بالموت السريري يمنياً. ومثل لبنان كان الصمود الأسطوري للشعب ووحدته وراء المقاومة سبباً حاسماً في صناعة النصر وإجبار العدوانين «الإسرائيلي» والسعودي على البحث عن مخرج عبر وقف للنار ينتهي بتفاوض، في لبنان عنوانه الأسرى وفي اليمن عنوانه الحلّ السياسي للأزمة. وفي اليمن كلبنان يضطر صاحب العدوان «الإسرائيلي» أو السعودي لتمريغ أنفه في التراب وهو يوقف الحرب ولم يحقق أياً من الأهداف التي أعلن أنه يخوض الحرب لفرض تحقيقها، فلا اعترف الحوثيون بشرعية منصور هادي، ولا قبلوا وقف القتال مع «القاعدة»، ولا ألقوا السلاح ولا تركوا المدن، كما في لبنان لا ألقت المقاومة سلاحها ولا خرجت من الجنوب. وفي الحالتين تساقطت صواريخ الردع على العمق لتقول لم تنفد صواريخنا، فلا تدعوا صبرنا ينفد.

– في الحالتين اللبنانية واليمنية، تسقط أوراق الحليف الذي راهنت عليه واشنطن لتغيير معادلة حرجة. ففي حرب تموز استنجدت أميركا بـ«إسرائيل» للخروج من مأزق الفشل في حربي أفغانستان والعراق، وفي اليمن أرادت واشنطن عبر السعودية استباق التفاهم النووي مع إيران بسحق حليفها على باب المندب وفي قلب الخليج. وبالهزيمتين «الإسرائيلية» والسعودية، دخل الحليفان الأهمّ لأميركا في الشرق الأوسط وبوابتها الدائمة للسياسة، مرحلة التحوّل من قيمة مضافة إلى عبء استراتيجي، وتدخل العلاقات الأميركية السعودية مرحلة فك وتركيب كتلك التي دخلتها العلاقات الأميركية «الإسرائيلية» من قبل.

– انتصر اليمن وسيتشكل جنوب العرب على إيقاع نصره، كما سيتشكل شمال العرب على إيقاع نصر تموز، الذي يستمرّ حاضراً من القلمون إلى مزارع شبعا كتتويج للنصر الأول في أيار عام 2000، فيتلاقى أيار اليمني بأيار اللبناني، ليعانقا معاً نصر تموز.

التعليقات مغلقة.