إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد نبي الرحمة، من بعثه الله بكلمة التوحيد وتوحيد الكلمة، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.

في البداية نقول: ما نحن إلا طلاب علم، ندعو إلى الله، ونحن نعلم أننا مقصرون تقصيراً كبيراً في هذا الميدان، ونحن نستغفر الله من كل تقصير، وإن كان لنا جهد في هذا الموضوع فما نحن إلا ثمرة من ثمار من بذلوا جهوداً عظيمة أكثر منا، وأسبق منا في هذا الميدان الذي هو في الأصل واجب على كل مسلم، واجب على كل مؤمن.

في هذه الآيات التي سمعناها جميعاً في صلاة [المغرب] آيات بليغة مناسب أن نتحدث حولها ولو أطلنا قليلاً في الحديث، نرجو أن نوفّق من الله سبحانه وتعالى إلى ما فيه صلاحنا وصلاحكم جميعا.

ما أعظم كتاب الله، وما أسمى معانيه، وما أشمل دلالاته، هدى ونور، موعظة وشفاء لما في الصدور، يخاطبنا بمختلف العبارات، وبشتى الوسائل؛ بحثاً عن كيف يهدينا بأسلوب عجيب. المتأمل لكتاب الله سبحانه وتعالى من هذه الزاوية يخجل أمام الله، وهو بكل وسيلة، وهو هو من جلَّ سبحانه وتعالى في كبريائه، وتعالى في عظمته، يُظهِر حبه لأوليائه بشكل عجيب، ويدعو جميع عباده للانضواء تحت لوائه والاستجابة لندائه، ويثني دائماً على نوعية متميزة من أوليائه، ممن آمن به، وآمن برسله وكتبه.

{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ}(فصلت:30-32) الذين قالوا ربنا الله – ليس فقط بألسنتهم – إيمان بقلوبهم، بكل مشاعرهم، إيمان بالله سبحانه وتعالى، إقرار بعبوديتهم لله, استسلام كامل لله.

{رَبُّنَا اللَّهُ} ربنا الله وحده لا شريك له، لا نعبد سواه، وعندما يقولون: ربنا الله، هم يفهمون ماذا تعني هذه الكلمة: أنه هو وحده الذي يملك حق تدبير شؤوننا في هذه الحياة، هو وحده الذي يملك حق الأمر والنهي فينا في هذه الدنيا، فلا أحد سواه باعتبارنا عبيداً له هو الذي خلقنا، هو الذي رزقنا، هو الذي مهد لنا هذه الأرض التي نعيش عليها، نحن مملوكون له بكل ما تعنيه الكلمة، لا أحد سواه يملك أن يشرِّع لنا، لا أحد سواه يملك أن يتحكم كما يريد في شؤوننا، يأمر وينهى كما يريد في مختلف مجالات حياتنا؛ لأن الربوبية هي من التربية، الله هو الذي ربانا، ويربينا باستمرار، هو الذي يقوم بتدبير شؤوننا، هو القيوم على كل أمورنا.

ما أكثر من يقولون: الله ربنا، ولكن يدينون بالولاء لتشريعات بعيدة عن الله، لأنظمة بعيدة عن الله. هذا إقرار يناقضه العمل، أما الذين يقولون: ربنا الله بفهم كامل لهذه الكلمة فهُم قليل من عباد الله سبحانه وتعالى، هي كما سبق تعني: العبودية المطلقة لله، وفهم معنى العبودية ماذا يعني أنني عبد لله، أطيع الله فيما أمر ونهى، أعمل على كسب رضاه، أحبه وأتولاه، أكون من حزبه، أكون من جنده، أكون من أوليائه، أستقيم، أستقيم على هذا النهج، أفهم تعامله معي سبحانه وتعالى كعبد له في هذه الدنيا أنه لا بد أن يبتليني بتكاليف متنوعة، ما بين شاق على نفسي، أو شاق على جسمي، وما بين سهل، ما بين صعب علي باعتباره مخالف لهواي، أو لمصالحي الشخصية، أو لأي اعتبار آخر من الاعتبارات الدنيوية، وبين ما هو بعيد عن هذا الاعتبار.

جهل كثير من الناس، بمعنى تكليف الله لهم، جهل كثير من الناس بمعنى عبوديتهم لله تخلق إشكالات كثيرة جداً جداً، تؤدي في الأخير إلى مجرد الإقرار، الذي لا يتوافق معه العمل، ولا يتوافق معه حتى الاعتقاد …. أن أعلم بأنني عندما أقول: أنني عبد لله، وأقر بأن الله ربي، أن الله لا يكتفي مني بهذا، لا بد أن يمتحنني، لا بد أن يبتليني؛ ليتبين مصداق ما أدعيه، ويتبين استقامتي وثباتي على ما أدعيه.

وبالطبع تأتي الابتلاءات في مجالين: فيما نحب من الناحية المادية، وابتلاءات فيما يتعارض مع مطامعنا من الناحية المعنوية، ومع شعورنا وحب الاستعلاء لدينا من الناحية المعنوية.

لو كان التشريع، لو كان الابتلاء الإلهي لا يتناول هذه المجالات التي هي محك حقيقي، ودليل حقيقي على الصدق من الكذب، لكان كل الناس يدَّعون الإيمان ويدعون العبودية لله. لكن لا {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ} (آل عمران: من الآية179) لا بد من الابتلاء {اَلَمْ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} (العنكبوت:2-3).

[ابتلانا الله سبحانه وتعالى فيما يتعلق بالجانب المالي بابتلاءات كثيرة] ما أوسع إطار التشريع في الجانب المالي بدءاً من الزكاة وانتهاء بالإنفاق في سبيل الله، وكم ارتبط بالمال من تشريعات وكم اتجه إلى قضية المال من آيات تحث على الإنفاق، وتعد بالأجر المضاعف على الإنفاق وتتحدث عن الإنفاق بأنه دليل مصداقية المؤمن، تتحدث عن بذل المال بأنه وسيلة من وسائل تزكية الروح وسموِّها {ألم ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (البقرة:1 -3) ومما رزقناهم ينفقون، {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ} (آل عمران: من الآية134).

وهكذا يسير القرآن يتحدث عن قضية المال، لأنه من الممكن أن يبتليك الله بالصلاة مثلاً، وإن كانت الصلاة لها مقام سامي عند الله سبحانه وتعالى فيما إذا أُدِّيَت بالشكل المطلوب، وبالتوجه الكامل تترك أثراً كبيراً، لكن لو نأتي إلى عمل استبيان لنا كمسلمين كم نسبة المصلين، وكم نسبة المنفقين من بين المصلين؟ سنجد المصلين بنسبة ربما 70%، المنفقين ربما لا يكونون بنسبة 10%؛ لأن الصلاة لا تكلفنا في مالنا شيئاً، الصلاة ست دقائق، وأنا أديت أربع ركعات كاملة بدون أن أخسر شيئاً، لكن المال؛ لأنني أحبه حباً شديداً يمكن أن أتلكأ، يمكن أن أتنكر، كثير من الناس حتى الزكاة المفروضة يلف ويدور ويصول ويجول حتى يلتهمها ومصارفها موجودة بين يديه.

فريضة من أعظم الفرائض، فريضة هي ركن من أركان الإسلام اتجهت نحو المال هي الزكاة، واجب من أهم الواجبات هو نصر دين الله مرتبط بالمال أيضاً، واجب من أهم الواجبات هو العمل على نشر دين الله والدعوة إلى إصلاح عباده مرتبط بالمال أيضاً لدرجة أن الله سبحانه وتعالى قال عن صفات المؤمنين فيما يتعلق بالجانب المالي وفيما يتعلق بالجانب النفسي: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} بأن لهم الجنة {يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}(التوبة: من الآية111) يقاتل بنفسه وماله.

المؤمن الصادق في إيمانه يصل به الحال إلى هذه الدرجة: أن يبذل نفسه، ويبذل ماله مهما كان عزيزاً لديه، مهما كان محبوباً لديه، يبذله في سبيل الله، لماذا؟ الله طلب منا أن ننفق وله خزائن السموات والأرض، وهو القادر على أن يمول ما يريد بدون أن يطلب منا نحن أن ننفق؛ لأن القضية هي مرتبطة بنا، قضية ابتلاء، وليست قضية استعانة منه سبحانه وتعالى بنا، قضية ابتلاء لنا: هل نحن صادقون في إيماننا، هل نحن صادقون في عبوديتنا لله؟ إذاً سنطبق ما يريد منا حتى وإن كان فيما يعز علينا سنمتثل، سنطبق، سننفذ.

ولذلك الله خاطبنا في هذا المجال في القرآن الكريم بأسلوب عجيب سمّاه قرضاً {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً}(البقرة: من الآية245) استقراض، لأنه يعلم أننا شديدي الحرص على المال، فلم يكتف سبحانه وتعالى – لأنه رحيم بنا – لم يكتف أن يبتلينا في المال فقط، وهو قادر على ذلك يقول: أنت أنفق، أد الزكاة، بل دفعنا بلطفه، برحمته إلى أن نلتزم في هذا الجانب فنطبق، ونبرهن على صدق إيماننا، فأحاط مسألة المال بكثير من الترغيب.

أولاً: سمّاه قرضاً، وهو الغني، هو ملك السموات والأرض، يقول للعبد من عباده: أقرضني، اعتبر هذا المال الذي أريد منك أن تنفقه في سبيلي، أو على مسكين من عبيدي، أريد منك أن تعتبره قرضاً لدي، وأنا ملتزم أن أرد إليك ما أقرضتني مضاعفاً! {فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً}أليس هذا من رحمة الله بنا؟ أنه يشجعنا على تنفيذ هذا الواجب الذي هو صعب على نفوسنا.

يقول سبحانه وتعالى أيضاً: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (البقرة:261) يعد بمضاعفة إلى نحو سبع مائة ضعف، ريال تنفقه في سبيل الله يتضاعف لك أجره إلى نحو سبع مائة ضعف {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} إلى ما هو أكثر من هذا المقدار، ويعد بشكل صريح {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ}(سـبأ: من الآية39) {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ}(لأنفال: من الآية60).

نلاحظ كيف أنه برحمته سبحانه وتعالى يدفعنا إلى أن ننفذ هذا الواجب الشديد على نفوسنا بترغيب كبير كبير جداً جداً، يسميه قرضاً سيرده [مثني, مثلوث, معشور]، وعد بأنه سيخلف فعلاً، ما أنفقته سيرده عليك في الدنيا هذه بطريقة أو بأخرى، وإن لم أكن أعلم، أو أستطيع أن أعرف من أين سيأتي تعويض ما أنفقت، يعدني بمضاعفة الأجر إلى سبع مائة ضعف، وإلى ما هو أكثر من ذلك، ومع هذا لا تزال نسبة الملتزمين بهذا الأمر الإلهي الهام – على الرغم من كل هذا الترغيب الكبير – لا يزال نسبة قليلة جداً من الناس أقل بكثير من نسبة المصلين، أقل بكثير من نسبة الصائمين؛ لأن المال محك {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبّاً جَمّاً} (الفجر:20) ودليل على صدق العبودية، ودليل على صدق الإيمان، بل جعله صفة من صفات المؤمنين، المؤمن الذي يتصور بأن بإمكانه أن يكون مؤمناً والجانب المالي لا أحد يمسه غير صادق في إيمانه أبداً، غير صادق في دعواه للتقوى. فالابتلاء في هذا المجال كان بهذا الشكل.

ابتلانا أيضاً فيما يتعلق بالجانب المعنوي باعتبار الإنسان يحب التعالي، والسمو، والرفعة، ولا يريد أن يرى فوقه من هو أعلى منه، لا يريد أن يرى فوقه من هو أعلى منه، ولا يريد أن يبصر فوقه من يمكن أن يدين له بالفضل عليه، أو بأنه أفضل منه، هذه تناولتها ابتلاءات كثيرة جداً، هذا المجال تركيعي، تركيعي كعبد لله سبحانه وتعالى، أحطم كل هذا الكبرياء ابتلاءات كثيرة منها الحج، الحج ماذا يعني؟ أليس هناك بيت من أحجار، في مكان محدد؟ أحجار، وهناك مواقف أخرى، عرفات، منى، مزدلفة، مواقع محددة، أماكن ترمي فيها أحجار، أماكن لازم أن تبيت فيها، بيت لابد أن تطوف حوله، مسعى لابد أن تتحرك فيه، من هذه الصخرة إلى هذه الصخرة.

أيضاً هذا ابتلاء يتجلى مدى صدق ادعائي العبودية لله، أنا لا يمكن أن أقول: لماذا يأمرني أن أطوف حول هذه الأحجار؟ ما قيمتها؟ ما فائدتها؟ ما أهميتها؟.. وهكذا.. إلى مجالات أوسع فيما يتعلق بهذا الجانب، جانب تحطيم الكبرياء التي تتعارض مع ما تتطلبه العبودية من تسليم لله سبحانه وتعالى. مع ما يقتضيه الإقرار بالعبودية لله من تسليم كامل لله سبحانه وتعالى.

إذا فعندما تقول: ربنا الله، ربنا الله، يجب أن أفهم بأن معنى هذا: أنني عبد له، وأنا أعلم أنه سيبتليني في مالي، وفي الأشياء المعنويات لدي، سيبتليني بالأشياء المعنويات لدي.

عالم من علماء بني إسرائيل ابتلي وسقط في الامتحان، واهتز، وضرب الله له مثلاً سيئاً: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ}(لأعراف: من الآية176) لأنه لم يرتاح لموسى، أو يدين بالفضل لهذا الشخص، فهو معتز بأنه عالم، بأنه كذا..

عبد الله بن أُبي، لماذا تحول إلى منافق، وزعيم للمنافقين أيضاً لماذا؟ ابتلي من هذا النوع من الابتلاء، كان قبل أن يَصِلَ رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، ويتفق مع مجموعة كبيرة من سكان المدينة ممن أسلموا على أن يهاجر لديهم – كانوا قد اتفقوا قبل وفي وقت من الأوقات على أن يتوِّجُوه ملكاً عليهم، على الأوس والخزرج، جاء محمد بن عبد الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وأخذ الوجاهة كلها، واتجه الناس نحوه، نبي يوحى إليه تجب طاعته، طاعته من طاعة الله.

هذا الشخص كان قد أحب الكبرياء والملك والعظمة، وأن يتوج كملك على قبيلتين كبيرتين: الأوس والخزرج، ماذا عمل؟ لو أنه أدرك المسألة، واستسلم لله، وآمن؛ لأنه ما قيمة هذا الـمُلك الذي كنت أطمع فيه، وهذا التاج الذي كنت أرغب فيه، وهذه الكبرياء التي كنت أريد أن أصل إليها، ما قيمتها مع نعمة بين يديَّ نبي أعيش معه، نبي أطيعه، نبي ألتزم بأوامره، يوحى إليه مباشرة من الله سبحانه وتعالى، لكنه أيضاً سقط في الامتحان، ونسي أنه عبدٌ لله، وتحول إلى شخص يكيد، ويمكر، ويعمل بكل وسيلة لمحاربة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) والدعوة الإسلامية، فاعتبر منافقاً بل كبير المنافقين، وأصبح مذموماً عند المسلمين جميعاً.

إبليس نفس الشيء تعرض لامتحان من هذا النوع، من هذا النوع، تجد أنه كان في صفوف الملائكة نحو من ستة آلاف سنة، يعبد الله سبحانه وتعالى، لكن حتى الملائكة أنفسهم يتعرضون إلى ابتلاء من هذا النوع، وحتى الأنبياء أنفسهم يتعرضون إلى ابتلاء من هذا النوع، الابتلاء الذي ينسف التعالي، ينسف التعالي، استسلام كامل لله سبحانه وتعالى، الله لما خلق آدم أمر الملائكة كلهم أجمعين بالسجود لآدم، الملائكة يحملون عقولاً كبيرة، ووعياً، وفهماً، ويعرفون معنى عبوديتهم لله سبحانه وتعالى، استجابوا، استجابوا، لم يقولوا هذا خلق من تراب ونحن خلقنا من نور، والنور أفضل من التراب، ولا يمكن، و..و..لا، إبليس وحده استكبر، استكبر، ورفض أن يسجد لآدم بعد أمر الله سبحانه وتعالى {إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} (صّ:74).

سقط في الامتحان أيضاً وكذب في ادعائه العبودية لله التي ضل عليها ستة آلاف سنة، فترة ليست قصيرة، ليست بسيطة، تفلسف لنفسه بما يعزز لديه الشعور بالتعالي، الاحتفاظ بشعور التعالي لديه! {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ}(الأعراف: من الآية12) لا يمكن، واقتنع بهذا المبرر!.

الإنسان نفسه قد يصل إلى هذه الحالة، قد تقف أمام تشريع إلهي، أو ابتلاء إلهي من هذا النوع، فتأتي لتتفلسف لنفسك، وتخترع مبرراً معيناً تكرره على ذهنيتك، وتقنع به اقتناعاً سطحياً؛ لتحتفظ بما، توجه الابتلاء الإلهي إلى ضربه.

[عندما تسير على النهج الذي رسمه الله سبحانه وتعالى لك فتشعر] بعظمة الله، أنت تسير في طريق التكامل نحو الله سبحانه وتعالى؛ لأنك عبَّدت نفسك لله، وكل ما يشرعه الله لك إنما هو من أجل تكريمك، حتى هذا الذي يبدو لك في الصورة وكأنه إذلال لك، إنه تكريم في النهاية، إنه تكريم في النتيجة، لكن العكس هو الذلة أن أتعالى، وأرفض، أقول: لا، {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} ماذا كانت النتيجة؟ ألم يُطرد إبليس؟ ألم يلعن؟ ألم يلعنه أولياؤه وأعداؤه من البشر؟ ويضل ملعوناً طريداً منذ أن ارتكب هذه المخالفة إلى يوم الدين، يذكر بشيطان رجيم، ملعون في الدنيا وفي الآخرة، هـل اعتـز إبليس؟ هـل بقيت له مشاعر العظمة؟ {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} أم أن الله نسف كل هذه العظمة، وألزم كل عبيده بلعنه وطرده من السماء {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَدْحُوراً}(الأعراف: من الآية18).

هكذا الابتلاء، نحن لا بد أن نسلِّم أنفسنا لله، عندما نقول: ربنا الله، ربنا الله، وفي نفس الوقت نستقم {ثُمَّ اسْتَقَامُوا}، ثم استقاموا، أن أقول: ربي الله بإقرار هو تسليمي، وتسليم، والتسليم، أو الشعور بالتسليم هي حالة نفسية، أنا من داخل من أعماق نفسي أقر بعبوديتي لله، وأسلِّم نفسي لله، وأقبل أيَّ تشريع من الله، سواء توافق مع مصالحي، أو خالفها، سواء توافق مع رغباتي، أو خالفها، سواء انسجم مع كبريائي، أو خالفها، أنا عبد لله، أسلِّم، هذا لا بد أن يكون منطلقاً من داخل مشاعرك، ثم تستقم {ثُمَّ اسْتَقَامُوا} (فصلت: من الآية30) الاستقامة على ما أمرك الله به، الاستقامة على ما تعبدك الله به، الاستقامة على النهج الذي رسمه الله سبحانه وتعالى لك.

الاستقامة قضية مهمة؛ لأنه في ميدان الابتلاءات يحصل اهتزازات عند تضارب الفتن، وتزاحم الأقوال، والآراء، والاختلافات، تحصل اهتزازات كثيرة للإنسان، كثير من الناس عندما يتعرض لابتلاءات يتخلى عن كل شيء، وينحرف عن خط الاستقامة، ينحرف عن خط الاستقامة، الاستقامة نفسها قضية مهمة، الله سبحانه وتعالى أمر رسوله(صلوات الله عليه وعلى آله) {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (هود:1121) استقم أنت يا محمد؛ ليقول لنا سبحانه وتعالى بأن كل شخص من عبيده يجب أن يستقيم كما أمر، وأنه لا يجوز له أن يطغى، إذا طغى سيعاقب، إذا طغى سيعذب سواء كان نبياً، سواء كان ابن نبي، سواء كانت زوجة نبي، سواء كان صاحب نبي، كائنا من كان، ليس هناك أحد فوق أن يكون مستقيماً لله.

محمد بن عبد الله (صلوات الله عليه وعلى آله) أفضل الأنبياء يقول الله له: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}(هود: من الآية113) يهدد محمداً(صلوات الله عليه وعلى آله).

نحن فيما بيننا نتأول أحيانا لبعض أشخاص؛ لأننا رُبِّيْنَا على توليهم، أو قالوا لنا: عظماء، ليست مشكلة إذا حصل مخالفة، ليست مشكلة منه. لا، يجب أن نحكم على الناس بحكم القرآن، وأن تكون نظرتنا إلى الناس جميعاً هي نظرة القرآن، أنه ما دام وقد أُمر محمد بأن يكون مستقيماً فلا بد أن يستقيم كل الناس، وأنه ما دام وقد هُدِّد محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) فيما إذا انحرف عن الاستقامة بأن يعذب، إذاً فكل الناس كائناً من كان، سواء كان صحابياً، أو من أهل بيت رسول الله، أو من عامة الناس، أو خاصتهم، ليس أحد فوق هذا الحكم إطلاقاً.

الاستقامة في هذه الدنيا على شرع الله، وعلى نهج الله، تحتاج إلى عدة عوامل حتى توفر لنفسك خط الاستقامة، أولاً: أن يكون قوي الصلة بالله سبحانه وتعالى، دائم الإلتجاء إلى الله في كل المواقف، في كل الابتلاءات، في كل حياتك، دائم الرجوع إلى الله، أن تطلب من الله سبحانه وتعالى أن يثبتك، أن يرزقك الصبر؛ لأن الاستقامة تحتاج إلى الصبر، الاستقامة تحتاج إلى الصبر؛ ولهذا جاء في الحديث الشريف: ((بأن موقع الصبر من الإيمان كموقع الرأس من الجسد، ولا خير في جسد لا رأس فيه))، أيضاً لا خير في إيمان لا صبر فيه.

الإلتجاء إلى الله سبحانه وتعالى، عندما تتأمل في كتاب الله كيف كان من وصفهم بأنهم عباده، وأولياؤه، دائمي الرجوع إليه، دائمي الدعاء له {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا}(البقرة: من الآية250) {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا}(آل عمران: من الآية8) في آخر سورة [البقرة] {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ}(البقرة: من الآية286) يا إلهي أنت تعلم أنني عبد ضعيف، أرجو منك أن لا تعرضني لابتلاء أهتز معه، وأنا حريص على نهج الاستقامة، {رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}(البقرة: من الآية286).

أول شيء الرجوع إلى الله، الإلتجاء إلى الله، والإنسان بحاجة إلى أن يكون دائم الدعاء لله في هذا المجال خاصة تدعو الله بالتوفيق، تدعو الله أن يرزقك الاستقامة، تدعو الله أن يرزقك الصبر؛ لأن كل أمورنا، وكل شؤوننا في هذه الدنيا كثير منها يعرضنا للإنحراف عن خط الاستقامة، كم يمر الإنسان في حياته بمواقف، وكم نرى من أناس كثيرين ينحرفون عن خط الاستقامة في كثير من مواقفهم، هذا أول شيء.

الشيء الثاني: أن تعلم أولاً ما هو النهج الذي يريد الله منك أن تستقيم عليه، يكون لديك معرفة طريق مَن أستقم عليه؟ مع من أستقم؟ تحت راية من أستظل؟ هذا الشيء لا بد منه، عقائد معينة أعرف أنها صحيحة، أستقم عليها، معاملات معينة أعلم بأنها صحيحة أستقم عليها، سلوك معين في هذه الحياة أعلم بأنه صحيح أستقم عليه، لا بد من المعرفة لخط الاستقامة، ولنهج الاستقامة حتى أسير على هذا النهج، ولا يبقى لي إلا أن أصبِّر نفسي عليه، أنا واثق منه، ولم يبق عندي إلا أن أرجع إلى الله أن يثبتني عليه.

الاستقامة معناها على صراط الله المستقيم، ألسنا نقرأ في صلاتنا، وشُرع في الصلاة واجباً لا تقبل الصلاة بدون [فاتحة الكتاب]؛ لأن فاتحة الكتاب مهمة جداً جداً، معانيها عظيمة جداً جداً، في هذا الموضوع بالذات، نقرأها في كل صلاة فريضة أو نافلة، نكررها في الصلاة مرتين أو أكثر {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (الفاتحة:1- 5) إياك نعبد وإياك نستعين {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} (الفاتحة:6-7).

في آخر هذه السورة، في نصفها الأخير، نصفها الأخير إقرار بالعبودية لله: إياك أعبد، لا أعبد سواك، وبك أستعين على أن أعبدك، وأن أستقيم على عبادتك، {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} نستعين في هذه السورة معناها الأساسي هو: الاستعانة على أداء عبادة الله، أكثر من الاستعانة في شؤون الحياة الخاصة الدنيوية؛ لأن الكثير من أعمال الدنيا، وكثير من تدبير أعمال الدنيا الله خلق لنا قدرة على ابتكار الكثير من الآلات التي تساعدنا، وتعيننا على تيسير أعمالنا الدنيوية، خلق لنا الثور، وابتكرنا المحراث لنحرث، نستطيع أن نحرث [الجِرْبَة] الفلانية وأسهل عليّ من أن أبدأ أشتغلها بيدي من طرفها إلى طرفها..

أبتكر الإنسان كثيراً من الوسائل التي أعانته على شؤون حياته الخاصة في بناء البيوت، في بناء المساجد، في بناء المدارس، في التواصل فيما بينهم، في الوصول إلى المسافات البعيدة.. ابتكر الإنسان كثيراً من الوسائل هذه، فعبارة {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} في [الفاتحة] هي تعني بشكل أساسي أن نطلب من الله أن يعيننا على أداء عبادته، وعلى تعبيد أنفسنا له.

ثم تتجه السورة بشكل دعاء {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} ونكرر دائماً اهدنا الصراط المستقيم، اهدنا الصراط المستقيم، كل يوم، كم تقرأها هذه؟ على أقل تقدير عشر مرات، أقل تقدير عشر مرات، إذا كنت فقط تصلي خمسة فروض في كل فرض تقرأها مرتين، عشر مرات، ناهيك عن النوافل، والوتر، وسنة المغرب، وسنة الفجر، وسنة الظهر.. ومع هذا لم نلتفت مرة من المرات إلى ماذا يعني، ماذا يعني أن تُشرَّع سورة [الفاتحة] التي فيها هـذا التكرير الدائم على مسامعنا كل يوم ما يقارب من خمسة عشر مرة {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} دعاء بالاستقامة أن يهديني إلى صراطه، صراطه الذي هو صراط مستقيم؛ لأستقيم عليه.

{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} على أساس أن صراط الله المستقيم لا بد أن يكون له معالم من عباده، لا بد أن يكون له معالم من أوليائه فقال: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} أنا لا أريد أن أنحرف إلى صراط المغضوب عليهم، ولا أريد أن أنحرف إلى صراط الضالين. الضالون هم: الذين ينحرفون بدون معرفة، عقائد باطلة. المغضوب عليهم هم: الذين ينحرفون بعلم ويدعون إلى باطل وهم يعلمون ذلك، مغضوب عليهم: مسخوط عليهم.

بعض الناس يفسرونها بتفسير، تفسير يفصلنا عن هذه السورة تماماً بأن المغضوب عليهم: اليهود، والضالين: النصارى! المغضوب عليهم والضالين هما خطَّان يسيران في الحياة باستمرار، وما من عصر إلا وفيه من يسيرون على الصراط المستقيم، ما من عصر، ما من زمن إلا وفيه من أنعم الله عليهم بالسير على الصراط المستقيم، وفيه من هم مغضوب عليهم، وفيه من هم ضالون، في كل عصر؛ لهذا الله أوجب علينا كمسلمين [أن ندعوه دائماً {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}.

نحن قد قطعنا علاقتنا مع اليهود تماماً، ونحن لا نسير على خط اليهود العقائدي أبداً. إذاً فنحن بحاجة ماسة ومستمرة.. على أساس أن في هذه الدنيا مغضوب عليهم وضالين دائماً. ونحن نشاهد مواقف وتشريعات ودعوات ضالة، نشاهد أشخاصاً يعلمون الحق ويكتمونه، مغضوب عليهم، وضالين.

نحن نريد من الله سبحانه وتعالى بدعائنا في هذه السورة باستمرار أن يهدينا صراطه المستقيم {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} يدل على أهمية القضية، على أهمية الموضوع، أننا بحاجة دائمة وماسة إلى الله، أن تتجه إليه أن يهديك في كل مواقفك. أنت ستمر حتى في مواقفك غير التشريعية بمواقف فيها حق وباطل تحتاج من الله أن يوفقك إلى الحق في هذا الموقف الذي أقفه، أيَّ موقف كان من شؤون الحياة.

هذه هي الاستقامة التي لا بد من توفير الإلتجاء إلى الله سبحانه وتعالى، ومن المعرفة بخطِّها حتى نسير عليها.

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا، وأن يهدينا صراطه المستقيم، وأن يجعلنا من أوليائه الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وأن يعيننا على الاستقامة، وأن يوفقنا إلى الاستقامة، إنه على كل شيء قدير.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

التعليقات مغلقة.