يـد تحارب ..ويـد تحاسب!‏

صنعاء سيتي | مقالات |‏
يـد تحارب ..ويـد تحاسب!‏
بقلم / عبدالله علي صبري

عشرة أشهر ولا يزال العدوان متواصل على اليمن، فيما الحل السياسي لا يزال بعيد المنال ‏حتى اللحظة، ما يفرض على القوى الثورية المناهضة للعدوان العمل وفق استراتيجية بعيدة ‏المدى تضع في اعتباراتها، أن العـدو الذي بات مضطراً للتعاطي مع المعركة في اليمن على ‏أساس سياسة النفس الطويل، لن يألو جهداً في استغلال الأوضاع الداخلية والنفاذ من الثغرات ‏السانحة هنا أو هناك، خاصة وقد وجد نفسه في مأزق كبير وهو يبحث عن نصر عسكري ‏سريع.‏

وهذا يعني أن صمود شعبنا في مختلف الجبهات ينبغي أن ينتقل إلى طور جديد ذي صبغة ‏شاملة وتكاملية، بحيث لا تقتصر الخيارات الاستراتيجية على البعد العسكري فقط، بقدر ما ‏يجب أن تمتد إلى الأبعاد الأخرى سياسية واقتصادية وإدارية، إضافة إلى تفعيل وثيقة الشرف ‏القبلية في وجه المرتزقة وعملاء الغزو والاحتلال الأجنبي لبلادنا.‏

في السياق تندرج مهمة ملء الفراغ السياسي، وإدارة شأن الدولة وإصلاح أوضاع المؤسسات ‏الحكومية، في سياق إدارة المعركة بشكل عام. وإذا كانت اللجان الثورية والشعبية قد حالت ‏دون تلاشي وانهيار ما تبقى من مؤسسات الدولة، فإن التوقف عند هذا الإنجاز لن يكون مأمون ‏العواقب، خصوصاً في حال تحركت قوة معينة باتجاه تثوير الشارع نحو المطالب المتعلقة ‏بتأمين الخدمات الأساسية والحد من الفساد المالي والإداري الذي يمارسه كثير من ضعاف ‏النفوس مستغلين أوضاع الحرب، وتركيز قيادة الثورة على إدارة المعركة العسكرية الضارية ‏على بلادنا.‏

وليس أخطر من أفعال الفاسدين والانتهازيين، سوى السكوت على تصرفاتهم وامهال ‏محاسبتهم، بذريعة الحرص على تماسك الجبهة الداخلية، ورص الصفوف في مواجهة العدوان ‏الخارجي، ذلك أن الفساد المتفشي منذ أمد بعيد في الأجهزة الحكومية، غدا بمثابة الثقافة ‏الأصيلة، وما لم تسارع القوى الثورية إلى محاصرة مختلف صور الفساد القديمة والمستجدة، ‏فإن أمل الناس بالتغيير إلى الأفضل سيرتد يأساً وانخراطا في ماكنة الفساد ذاتها، إلى أن يأتي ‏الله بقوم آخرين ينأون بأنفسهم عن المقت الكبير الذي حذر منه المولى عز وجل في قوله: “يا ‏أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، كبر مقتاً عندالله أن تقولوا ما لا تفعلون”.‏

بالأمس القريب وصل المشترك والإصلاح إلى سدة السلطة على صهوة الثورة ومطالب ‏التغيير الشعبية، وظن الناس أن العهد الجديد سيكون أقل فساداً مما عرفوه من قبل، فإذا بالفساد ‏ينتعش ويتمدد بصورة غير مسبوقة، وصولا إلى توافق القوى السياسية المنضوية في حكومة ‏الوفاق إلى إعلان جرعة سعرية في المشتقات النفطية، وتحميل المواطن الفقير أعباء الفساد ‏المالي المستشري حينها، ما أفضى إلى ثورة 21 سبتمبر 2014م.‏

لقد كانت محاربة الفساد على رأس أولوية انصار الله والقوى الثورية، واليوم فإن هذه الحرب ‏يجب أن تستمر بالموازاة مع الحرب الكبرى في مواجهة العدوان، حتى لا تتكرر أخطاء ‏الماضي، وليكن شعار المرحلة من الآن وصاعداً: يد تحارب..ويد تحاسب!‏

‏* يوميات صحيفة الثورة‏

التعليقات مغلقة.